الجمعة، 22 ديسمبر 2017

نهاية زعيم المنافقين عبد الله بن أبي أطلق شائعة الإفك فأراد ابنه أن يقتله!

نهاية زعيم المنافقين عبد الله بن أبي أطلق شائعة الإفك فأراد ابنه أن يقتله!

جاء النبي عليه الصلاة والسلام إلي المدينة مهاجرا إليها، وكان أول ما فعله أن آخي بين المهاجرين والأنصار، ثم كتب صحيفة المدينة التي أمن اليهود فيها علي معتقداتهم وأموالهم، كما أمن الطوائف الاخري في المدينة علي ألا يخونوا المسلمين، ولا يتحالفوا مع أعدائهم ولا يجيرهم. وجمع الرسول عليه الصلاة والسلام في يديه بين السلطة الروحية والسياسة.
وكانت هناك في المدينة طائفة من المنافقين تظهر الاسلام وتبطن العداء للرسول عليه الصلاة والسلام، وكان على رأس هؤلاء المنافقين عبدالله بن أجبّيٌِ بن سلول، وكان من الخزرج، وكان يستعد قبل أن يهاجر الرسول الي المدينة أن يتوج ملكا عليها، غير أن هجرة الرسول أضاعت عليه هذه الفرصة فقد التف أهل المدينة حول الرسول، ولم يعد يأبهون بعبدالله بن أجبّيٌِ، مما جعله يحقد علي الاسلام ونبي الاسلام إذ انتزع الاسلام منه ما كان يحلم به من سلطة وجاه في المدينة.

ومضت الأيام.. وزاد التفاف المسلمين حول الرسول، ثم قامت معركة (بدر) بين المسلمين ومشركي مكة، وأنتصر المسلمون في هذه المعركة انتصارا حاسما، رفع من قيمة المسلمين في المدينة، وعزز مواقفهم، ووجد عبدالله بن أجبّيٌِ، أن الاسلام يسير في طريق صاعد وانه ينبغي ان يكون له دور في المجتمع الجديد فأعلن إسلامه، وهو يطوي بين جوانحه النفاق!! وأمر أعوانه من المنافقين باعلان اسلامهم حتى لا يأخذ المسلمون منهم موقفا، وبذلك أصبح هؤلاء المنافقون يضمرون شيئا، ويظهرون شيئا آخر!

***

وكانت هذه الجماعة المنافقة برئاسة عبدالله بن أجبّيٌِ، تتصل باليهود، وكل الناقمين علي المسلمين، ليكيدوا لهم ويتأمرون ضدهم إذا ما حدث في الأمور ما يستدعي وقوفهم ضد الاسلام والمسلمين!
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يعرف ذلك كل المعرفة، ولكنه ترك أمرهم لله، فالسرائر يملكها الله عز وجل، وكان يقول:
'لم أؤمر أن انقلب عن قلوب الناس أو أكشف عن أسرارهم'.
وقد صور القرآن الكريم هؤلاء المنافقين يقوله:
'ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين.. يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون. في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا، ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون'.(البقرة 8*10)
وصور الله سبحانه وتعالي مواقفهم المتخاذلة من الاسلام وهروبهم وتخلفهم عن الجهاد، حتي لا يناصروا الدعوة بقوله تعالي:
'لايستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين. إنما يستأذنك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون. ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدٌة، ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم، وقيل اقعدوا مع القاعدين' (التوبة 44*46).
وما أكثر الآيات الكريمة التي تصف سلوكيات هؤلاء المنافقين ومواقفهم المتخاذلة، وأطماعهم وسوء طويتهم.

***

وقد ظهر هذا الرجل علي حقيقته عندما انتصر المسلمون في بدر، وحاول يهود بني قينقاع أن يهزأوا بهذا النصر، ويقللون من أهميته، ويظهرون تأييدهم لقريش، وهذا يعني أنهم خانوا عهدهم مع الرسول، وحذرهم النبي من مغبة هذه الخيانة وقال لزعمائهم:
'يامعشر يهود، أحذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة، واسلموا، بأنكم قد عرفتم انني نبي مرسل، تجدون ذلك في كتابكم، وعهد الله إليكم'
ولكنهم قالوا له:
'يامحمد، أرأيتنا مثل قومك، لا يغرنك أن لقيت قوما لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة، إنا والله لئن حاربناك لتعلمن أنا نحن الناس'.
وأنزل الله في اليهود:
'وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين' (الانفال 58).
وكان لابد من المواجهة.. وواجههم الرسول، فما كان من اليهود إلا أن دخلوا حصونهم، وحاصرهم الرسول وكان هؤلاء اليهود لهم حلفاء من العرب منهم (عبادة بن الصامت) الذي بريء من أفعالهم، وكان من هؤلاء الحلفاء (عبدالله بن أجبّيٌِ) الذي أبدا التعاطف معهم، وقال:
*إني امرؤ أخشي الدوائر ولا آمن الزمن!! بمعني انه لا يدري المستقبل فربما ينتصرون على المسلمين أي انه بنفاقه أظهر انه لن ينحاز الي أحد لأنه لا يعرف لمن سيكون له النصر!!
وأخيرا اضطر اليهود الى الجلاء عن المدينة علي أن يتركوا للمسلمين أموالهم وسلاحهم، المهم أن ينجو هم وأولادهم ونسائهم!!
وقبل الرسول الجلاء علي أن يرث المسلمون أموالهم وديارهم.

***

وتمر الأيام...
وفي شعبان من السنة الخامسة للهجرة، اتجه الرسول الي بني المصطلق، عندما علم انهم يتآمرون على المسلمين، وخرج مع المسلمين بهدف البحث عن الغنائم وبعض اهل النفاق وعلى رأسهم عبدالله بن أجبّيٌِ وانتصر المسلمون في هذه الغزوة، وقد حدث في اثناء هذه الغزوة ان تخاصم علي الماء أجير لعمر بن الخطاب، مع رجل حليف للخزرج وكان الخلاف حول أيهما يسقي قبل صاحبه، وما كان من الأجيران ضرب حليف الخزرج، واشتعلت فتنة بين المهاجرين والأنصار عندما استعان كل واحد منهما علي الأخر، وأخمد الرسول هذه الفتنة، غير أن عبدالله بن أجبّيٌِ ما كان يرضي ان تهدأ الفتنة وأراد ان يشعلها من جديد، فأخذ ينفث سمومه، ويهاجم المهاجرين علي أساس انهم دخلاء على المدينة، وقال:
*ولئن رجعنا الي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، ويقصد بالأذل المهاجرين!!
وسمع الرسول ان عبدالله بن أجبّيٌِ يحرض الانصار على المهاجرين فغضب، حتى ان عمر بن الخطاب قال للرسول:
*يا رسول الله، مر (عباد بن بشر) *وهو من الانصار* أن يقتله
فقال الرسول عليه الصلاة والسلام:
لا، فكبت يا عمر إذا تحدث الناس ان محمدا يقتل أصحابه، ولكن أذن بالرحيل'.
وعندما علم ابن أجبّيٌِ ان الرسول علم بكل ما قاله، ذهب الى الرسول وأنكر أنه تحدث بشيء!!

***

وفي هذه الغزوة حدث حادث آخر، اتخذه هذا المنافق وسيلة لاشعال نار الفتنة، ويوهن المسلمين، ويحال اغاظة النبي عليه الصلاة والسلام، وعائشة بنت أبي بكر.
ففي اثناء هذه الغزوة وبينما المسلمين أخذوا في الرحيل الي المدينة، كانت في هذه الحملة أم المؤمنين عائشة، وكان قد انفرط عقدها، فأخذت تجمع حبات العقد، بينما كان المسلمون قد مضوا في طريقهم في طريق العودة، ورآها احد الصحابة (صفوان بن المعطل) فأركبها راحلته وقادها الى المدينة، حتي أعادها.
ورآها عبدالله بن أجبّيٌِ وصفوان يقود ناقتها، فاتهمها في شرفها مع هذا الرجل، وسرعان ماردد المنافقون قولته!
وعلم الرسول بذلك فحزن حزنا شديدا على الافتراء علي زوجته الفاضلة، وسمي هذا الحديث (حديث الإفك).. أي الكذب، ونزل وحي السماء يبريء عائشة من هذه التهمة.. ونزل قوله تعالي من سورة النور:
'ان الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم، لكل امريء منهم ما اكتسب من الاثم. والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا، وقالوا هذا أفك مبين لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء، فإذا لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والأخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم. إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ولولا إذ سمعتموه قلتم مايكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم. يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا ان كنتم مؤمنين' (النور 11*17)

***

وبرئت عائشة من فوق سبع سماوات وتحدث الناس في كل مكان في المدينة عن هذا الحادث وكيف افتري عبدالله بن أجبّيٌِ كذبا علي أهل بيت الرسول، حتى أن ابنه (عبدالله).. توجه الى الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم وكان الابن تقيا صالحا على عكس والده المنافق* وقال:
*يا رسول الله: انه بلغني انك تريد قتل (عبدالله بن ابي) فيما بلغك عنه.. وقلت من يغدر بي في رجل آذاني في أهلي؟
فإن كنت لابد فاعلا فمرني به، فأنا أحمل لك رأسه.
فو الله ما علمتْ الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني.. وأني أخشي أن تأمر به غيري فيقتله، فلا تدعني نفسي أن أنظر الى قاتل أبي يمشي في الناس، فاقتله، فاقتل رجلا مؤمنا بكافر فأدخل النار،
فقال النبي صلي الله عليه وسلم
*بل نرفق به، ونحسن صحبته ما بقي معنا وتسامع الناس بموقف رسول الله منه، وبدأوا يشعرون أن 'عبدالله بن ابي' قد بلغ الذروة في النفاق، وان سلوكياته لا تليق برجل كريم، فكانوا يعنفونه، وبزدرونه، ويحتقرون تصرفاته..!
وقال الرسول الكريم لعمر بن الخطاب وهو يرى موقف الناس من هذا المنافق:
* يف تري الآن يا عمر؟
اما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله لأرعدت له أنف لو أرثها اليوم لقتلته'
فقال عمر:
*قد والله علمت لأمر رسول الله اعظم بركة من امري'
يقول الدكتور عبدالرحمن عميره في كتابة رجال ونساء انزل الله فيهم قرآنا:
'... وبلغ الكتاب أجله ومات عبدالله بن ابي.. مات زعيم المنافقين، وجاء ابنه الي رسول الله صلوات الله عليه وسلامه فقال: اعطني قميصك حتى أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له. فأعطاه قميصه ثم قال:
آذني أن اصلي عليه فآذنه.
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فاي وقف عليه تحولت حتى قمت في صدره فقلت: يا رسول الله.. أعلي عدد الله عبدالله بن أبي القائل يوم كذا.. وكذا: أعدد أيامه ورسول الله صلي الله عليه وسلم يبتسم، حتي إذا أكثرت عليه قال آخر عني يا عمر، إني خيرت فاخترت.. فقد قيل لي: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم، ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم.. لو أني أعلم أني ان زدت على السبعين غفر له لزدت.
قال : ثم صلي عليه السلام ومشي الى ان وصل الي قبره فقام على قبره حتي فرغ منه.
قال : فعجبت لي وجرأتي علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، والله ورسوله أعلم، فو الله ما كان يسيرا حتى نزل:
* ولا تصل على أحد منهم مات ابدا ولاتقم على قبره'
قال: فما صلي رسول الله صلي الله وسلم بعده علي منافق ولا قام على قبره حتي قبضه الله تعالي.
قال المعشرون: وكلم رسول الله صلي الله عليه وسلم أصحابه فيما فعل بعبدالله بن ابي فقال:
وما يغني عنه قميص وصلاتي من الله. والله اني كنت أرجو ان يسلم به ألف من قومه'

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ولد عصبي

ولد عصبي كان هنالك ولد عصبي وكان يفقد صوابه بشكل مستمر فاحضر له والده كيسا مملوءا بالمسامير وقال له: يا بني أريدك أن تدق مسمارا في سيا...

المشاركات الشائعة